طموح المراقبة في هونغ كونغ: 60 ألف كاميرا للتعرف على الوجوه بحلول 2028 — لكن بأي ثمن؟

طموح المراقبة في هونغ كونغ: 60 ألف كاميرا للتعرف على الوجوه بحلول 2028 — لكن بأي ثمن؟

هل وصلنا إلى اللحظة التي تصبح فيها وجوهنا نفسها مجرد نقاط بيانات في شبكة أمنية حضرية؟ في خطوة مفاجئة ولكن مثيرة للقلق، أعلنت سلطات الأمن في هونغ كونغ عن خطط لتوسيع بنيتها التحتية للمراقبة لتصل إلى 60 ألف كاميرا مراقبة مزودة بتقنية التعرف على الوجوه بحلول عام 2028. هذا الرقم يفوق بعشرة أضعاف العدد الحالي، والذي يبلغ حوالي 4,000 كاميرا فقط.

هذه الخطوة أطلقت صفارات الإنذار بين المدافعين عن حقوق الإنسان، وخبراء الخصوصية، والمختصين القانونيين، وحتى المواطنين العاديين. فهل هي محاولة مشروعة للحد من الجريمة، أم خطوة نحو تطبيع المراقبة الجماعية التي تآكل الحريات المدنية؟

في هذه المقالة، سنغوص في تفاصيل الخطة، والرهانات، والأسئلة العميقة التي تطرحها هذه الخطوة على مستقبل هونغ كونغ — وربما على أي مكان يقدّر التوازن بين الأمن والحرية.


الخطة الجديدة: كاميرات أذكى، شبكة أوسع

أوضحت السلطات الأمنية في هونغ كونغ تفاصيل خطة طموحة تحمل اسم SmartView، تهدف إلى دمج المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء الفضاءات العامة. الهدف هو الانتقال من 4,000 كاميرا حالية إلى 60,000 كاميرا بحلول عام 2028.

النظام الحالي يستخدم بالفعل الذكاء الاصطناعي لمراقبة تدفق الحشود وقراءة لوحات السيارات. وقال وزير الأمن كريس تانغ للمشرعين إن من "الطبيعي" أن يتم توسيع هذه التكنولوجيا لمراقبة الأشخاص وتتبع المشتبه بهم جنائيًا. الوثائق المقدمة للهيئة التشريعية أوضحت أن هذا ليس مجرد طموح، بل خطة بجدول زمني محدد.

الأكثر إثارة أن التعرف على الوجوه بشكل فوري قد يبدأ بحلول نهاية عام 2025. بالفعل، هناك خطط لتشغيل التعرف على الوجوه في أكثر من 3,000 كاميرا قبل نهاية العام الجاري، حيث إن البنية التحتية موجودة وما ينقص فقط هو تكامل الأنظمة الخلفية.

لكن ليست الكاميرات وحدها التي ستتوسع. تتطلع الحكومة إلى دمج أنظمة المراقبة من عدة إدارات حكومية — مثل الإسكان والنقل وحتى شبكة المترو — وربما التعاون مع شبكات خاصة (المراكز التجارية، المباني التجارية). النتيجة قد تكون شبكة مراقبة حضرية متكاملة.

السلطات تبرر ذلك بكون النظام ساعد بالفعل في حل أكثر من 400 قضية جنائية، وأسهم في 787 عملية اعتقال منذ إطلاقه. من وجهة نظر الحكومة، توسيع هذه الشبكة أمر ضروري لتعزيز السلامة العامة ومنع الجريمة وحماية الأمن القومي.


لماذا يدق هذا ناقوس الخطر: الحقوق، الرقابة، الأخطاء، والتأثيرات الاجتماعية

من السهل أن نهز رؤوسنا موافقة على أدوات الشرطة، لكن التحدي الحقيقي هو: من يراقب المراقبين؟

ثغرات قانونية ورقابية

حتى الآن، لم يؤكد مفوض حماية البيانات الشخصية في هونغ كونغ ما إذا كان قد تم استشارته في صياغة هذه الخطط. ويقول خبراء قانونيون إن هونغ كونغ تفتقر إلى قوانين واضحة تحكم استخدام أجهزة الأمن لتقنيات الذكاء الاصطناعي، والبيانات البيومترية، والتعرف على الوجوه، والمراقبة الجماعية.

يحذر الباحث القانوني إريك لاي من أن غياب القيود الصارمة قد يسمح بعمليات شراء واستخدام خارج نطاق التدقيق أو المساءلة الحقوقية. كما أن غياب آليات رقابية مستقلة أو مراجعات شفافة يفتح الباب أمام الاستغلال.

بالمقارنة، فإن قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي يحظر استخدام تقنيات التعرف البيومتري عن بُعد في الأماكن العامة (إلا باستثناءات محدودة جدًا)، وذلك تحديدًا لتجنب المراقبة الجماعية. منتقدو الخطة يرون أن هونغ كونغ تسير في الاتجاه المعاكس.

الأخطاء والتطابقات الخاطئة

خوارزميات التعرف على الوجوه ليست معصومة. الأخطاء في التطابق — خصوصًا عند توسيع النظام ليغطي قواعد بيانات ضخمة أو صورًا منخفضة الجودة — يمكن أن تؤدي إلى استهداف أبرياء. وقد شهدت بلدان أخرى اعتقالات خاطئة بسبب هذه التكنولوجيا.

وجه خاطئ تم التعرف عليه بالخطأ في شارع مزدحم أو إضاءة ضعيفة قد يعني استجوابًا غير مبرر، أو حتى اعتقالًا. الخطأ البشري قابل للإصلاح، أما الخطأ الآلي في نظام ضخم فقد يكون كارثيًا.

تآكل الخصوصية والحقوق المدنية

ما الذي يحدث عندما تصبح كل الساحات العامة والتقاطعات ومحطات النقل والحدائق تحت عين بيومترية لا تنام؟ التأثير النفسي على المجتمع كبير: الناس قد يمتنعون عن التعبير أو التظاهر خوفًا من أن يتم رصدهم.

في احتجاجات عام 2019، واجه المحتجون بالفعل شبح المراقبة، فلجأوا إلى الأقنعة وأشعة الليزر لتعطيل الكاميرات وحتى إسقاط بعض الأعمدة الذكية. التوسع الحالي يهدد بجعل هذه المراقبة أكثر إحكامًا ومنهجية.

سوابق قانونية وتحذيرات مقارنة

في الصين، دخلت قوانين جديدة حيز التنفيذ منتصف 2025 للحد من استخدام التعرف على الوجوه، بما في ذلك إلزام الشركات بإجراء تقييمات للأثر على الخصوصية وتقديم تقارير عند معالجة بيانات أكثر من 100 ألف فرد. حتى أن القوانين حظرت وضع الكاميرات في أماكن خاصة كالفنادق ودورات المياه.
لكن على الرغم من هذه القيود، يظل التنفيذ والشفافية محل شك.

هونغ كونغ، التي يفترض أن تتمتع بنظام قانوني مختلف، تبدو وكأنها تتبنى نموذجًا أقرب إلى الدولة المراقِبة، وهو ما يثير مخاوف واسعة.


أصوات من الشارع: المواطنون والباحثون والمعارضون

على مستوى النقاش العام، تتصاعد الأصوات القلقة. بعض السكان يخشون أن السلوكيات اليومية — مثل زيارة عيادة أو حضور اجتماع عام — قد تجذب انتباه الخوارزميات. آخرون يحذرون من أن الجماعات المهمشة والنشطاء سيكونون الأكثر عرضة للاستهداف.

خبراء القانون يشددون على أن غياب الشفافية والمساءلة وآليات الطعن يجعل النظام "صندوقًا أسود". من يرى البيانات؟ من يحق له الاعتراض؟ كم من الوقت تُخزّن البيانات؟ هذه أسئلة لم تُجب بعد.

المدافعون عن الخصوصية يطالبون بإجراء دراسات أثر عامة، وفتح الخطة للنقاش العام، وإدخال ضمانات قانونية صارمة. بينما يدعو آخرون إلى تقييد أي استخدام للتعرف على الوجوه في الأماكن العامة بقرارات قضائية أو بموجب مذكرات رسمية.


إلى أين يتجه المشهد؟ المخاطر ووسائل المواجهة

مع هذه الوتيرة، هناك نقاط حرجة ستحدد المستقبل:

  • تدخل تشريعي أو قضائي قد يفرض حدودًا صارمة.

  • المطالبة بالشفافية، ونشر خوارزميات مفتوحة للتدقيق.

  • اعتماد بروتوكولات لمسح البيانات بشكل سريع بدل تخزينها طويلًا.

  • فرض مراجعة بشرية لأي تطابق قبل اتخاذ إجراءات.

  • توفير آليات للطعن والتظلم للأشخاص المتضررين.

  • حملات توعية مدنية عن الخصوصية وسبل الحماية الرقمية.

  • ضغط دولي من منظمات حقوق الإنسان لدفع هونغ كونغ نحو معايير أكثر توازنًا.

إذا لم يتم وضع حدود واضحة، فإن الثمن الاجتماعي قد يكون بطيئًا لكنه خطير: الرقابة الذاتية، تضييق المجال العام، وانزلاق تدريجي نحو بيئة قمعية.


خاتمة: مفترق طرق لمستقبل هونغ كونغ

هونغ كونغ أمام خيار حاسم. نعم، الأمن مطلب حقيقي في مواجهة الجرائم والإرهاب والتحديات الحديثة. لكن هناك فارق كبير بين الأمن المشروع وبين التطبيع مع المراقبة الجماعية.

حين تصبح وجوه المواطنين جزءًا من شبكة ضخمة قابلة للبحث، يصبح من السهل استغلال هذه السلطة. حتى لو ادعت الحكومة حسن النية، فإن التاريخ يعلمنا أن السلطات الاستثنائية نادرًا ما تبقى محدودة.

هذا المقال ليس نهاية النقاش بل بدايته: دعوة للمجتمع، والأكاديميين، والمحامين، والنشطاء، لرفع أصواتهم من أجل الشفافية، والقيود القانونية، والمساءلة.
مستقبل الحياة العامة في هونغ كونغ — حرة أو خاضعة للمراقبة — يتوقف على كيفية التعامل مع هذا التحدي.


فقرة الكلمات المفتاحية لتحسين SEO:
“كاميرات التعرف على الوجوه في هونغ كونغ”، “خطة المراقبة في هونغ كونغ 2028”، “الذكاء الاصطناعي والحقوق في هونغ كونغ”، “مخاوف الخصوصية في هونغ كونغ”، “المراقبة البيومترية”، “الأمن القومي مقابل الحريات المدنية”، “توسيع شبكة كاميرات هونغ كونغ”، “أخبار المراقبة في هونغ كونغ”، “حقوق الإنسان والمراقبة الرقمية”.


هل ترغب أن أضيف أيضًا مقترحات لعناوين فرعية (H2/H3) وعلامات وصفية (meta description) جاهزة للاستخدام لتحسين ترتيب محركات البحث أكثر؟