
تراجع أرباح الصناعات الصينية بنسبة 9% خلال الشهر الماضي وسط ضغوط اقتصادية
في تطور لافت أثار قلق الأسواق المالية العالمية، انخفضت أرباح الصناعات الصينية بنسبة 9% في مايو 2025، مما يسلط الضوء على الضغوط الاقتصادية المتزايدة التي تواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ويمثل هذا التراجع أحد أكبر الانخفاضات الشهرية خلال أكثر من عام، ويعكس مزيجًا من ضعف الطلب المحلي، وتراجع النشاط التصديري، والصعوبات المستمرة في القطاعات الصناعية الرئيسية.
البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء في الصين تكشف عن توجه أوسع نحو التباطؤ الاقتصادي، حيث لم يتأثر فقط قطاع الشركات المملوكة للدولة، بل شمل التراجع أيضًا الشركات الخاصة والشركات ذات الاستثمارات الأجنبية العاملة داخل البلاد. وبينما يراقب المستثمرون وصناع السياسات والمؤسسات حول العالم عن كثب المسار الاقتصادي لبكين، فإن هذا التراجع الأخير في الأرباح الصناعية يشير إلى وجود مشكلات أعمق في النموذج الاقتصادي الصيني، الذي طالما اعتُبر محركًا للنمو العالمي.
نظرة أعمق على تراجع الأرباح بنسبة 9%
يأتي الانخفاض السنوي بنسبة 9% في أرباح الصناعات لشهر مايو بعد انخفاض بنسبة 6.2% في أبريل، ما يشير إلى تسارع في وتيرة التراجع. ووفقًا لبيانات المكتب الوطني للإحصاء، فإن الأرباح لدى الشركات الصناعية الكبرى — التي تحقق إيرادات سنوية تتجاوز 20 مليون يوان (حوالي 2.8 مليون دولار أمريكي) — شهدت خسائر إجمالية بلغت مئات المليارات من اليوان، بسبب التقلص الحاد في قطاعات مثل الصلب والإلكترونيات والصناعات الكيماوية.
ومن أبرز العوامل المساهمة:
-
الضغوط الانكماشية المستمرة في أسعار المنتجين التي تؤثر سلبًا على هوامش الأرباح عبر سلاسل التوريد.
-
تباطؤ سوق العقارات، وهو أحد المحركات التقليدية للطلب على الصلب والإسمنت والآلات.
-
ضعف الطلب الاستهلاكي الناتج عن ركود نمو الأجور وارتفاع معدل بطالة الشباب.
-
التوترات الجيوسياسية العالمية بما في ذلك النزاعات التجارية وجهود فك الارتباط الاستراتيجي من قبل الاقتصادات الغربية، ما أثر سلبًا على قطاع التصدير.
يمثل القطاع الصناعي أكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي في الصين، وبالتالي فإن تراجع الأرباح قد تكون له تداعيات واسعة على التوظيف والتنمية الإقليمية وصحة الاقتصاد الصيني بشكل عام.
تباطؤ قطاع التصنيع يضرب بقوة
من بين القطاعات الأكثر تضررًا كانت الصناعات الثقيلة مثل إنتاج الصلب والبتروكيماويات، والتي شهدت تراجعًا مزدوج الرقم في الأرباح التشغيلية. ويعاني قطاع الصلب بشكل خاص من فائض في الطاقة الإنتاجية، وضعف الأسعار، وتراجع الطلب من قطاعي العقارات والبنية التحتية.
كما أن قطاع تصنيع الإلكترونيات، الذي كان نشطًا في السنوات السابقة بدعم من الطلب العالمي على الهواتف الذكية والأجهزة التقنية، بدأ يُظهر علامات تعب. فقد خفضت الشركات الكبرى من إنتاجها نتيجة انخفاض الطلب الخارجي، والقيود التنظيمية المتزايدة، وتحول سلاسل التوريد العالمية بعيدًا عن الصين نحو جنوب شرق آسيا والهند.
حتى قطاعات الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية، التي كانت تُعتبر محركات نمو المستقبل، بدأت تُظهر علامات ضعف. فالإنتاج الزائد، وتراجع أسعار البطاريات، والتدقيق الدولي المتزايد حول سلاسل التوريد، كلها أمور أثرت على هوامش الأرباح.
رياح معاكسة خارجية وتحديات داخلية
خارجيًا، يتعرض سوق التصدير الصيني لضغوط كبيرة. فقد تراجع الطلب من شركاء تجاريين رئيسيين مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، وضغوط التضخم، وتغير السياسات التجارية. كما أن العديد من الشركات الغربية بدأت في تنويع سلاسل التوريد، وتقليل الاعتماد على التصنيع في الصين، لتفادي المخاطر الجيوسياسية والاضطرابات المحتملة.
داخليًا، لم تنجح السياسات النقدية والمالية في تحقيق التأثير المرجو حتى الآن. فبينما أجرى بنك الشعب الصيني بعض التخفيضات في أسعار الفائدة وضخ السيولة، إلا أن التأثير على ثقة الأعمال والنشاط الائتماني كان محدودًا. كما أن الحكومات المحلية المثقلة بالديون تواجه صعوبة في تمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية، وهي أدوات كانت تستخدم تقليديًا لتحفيز النشاط الصناعي.
ورغم تركيز بكين الاستراتيجي على التنمية عالية الجودة، والاكتفاء الذاتي التكنولوجي، والاستدامة البيئية، فإن هذه التحولات تسبب اضطرابات في القطاعات التقليدية، وترفع التكاليف على الشركات، وتحد من فرص السياسات السريعة.
دور الشركات الخاصة والأجنبية
تضررت الشركات الخاصة، التي تشكل جزءًا مهمًا من منظومة الابتكار الصناعي في الصين، بشكل خاص من التراجع الاقتصادي. فبسبب صعوبة الحصول على التمويل، وزيادة الرقابة، والتقلبات التنظيمية، أبلغت العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة عن انخفاض في الأرباح، بل وتعرضت للإفلاس في بعض المناطق.
أما الشركات الأجنبية، التي كانت تسعى في السابق للاستفادة من القاعدة الصناعية الضخمة للصين، فأصبحت الآن تعيد تقييم وجودها في البلاد. فمع تصاعد التوترات الجيوسياسية، وفرض قيود على الصادرات، ومخاوف بشأن أمن البيانات، بدأ العديد من المستثمرين الدوليين باتباع نهج "الصين + 1" لتقليل المخاطر، مما يضعف من الربحية الصناعية في الصين.
ضعف الثقة الاستهلاكية ومخاوف التوظيف
من أبرز التداعيات المحتملة لتراجع الأرباح الصناعية هو تأثيرها على سوق العمل والأجور. فمع قيام العديد من الشركات الكبرى بخفض التكاليف وتقليص الإنتاج، تباطأ خلق فرص العمل في المناطق الصناعية. كما أن معدل بطالة الشباب المرتفع يثير قلقًا متزايدًا بشأن الاستقرار الاجتماعي والنمو طويل الأمد.
ولا تزال ثقة المستهلك ضعيفة. فالأسر الصينية تتجه نحو زيادة الادخار، وهو سلوك بدأ خلال جائحة كوفيد-19 واستمر بسبب حالة عدم اليقين الاقتصادي. ويُحد هذا السلوك من فعالية جهود التحفيز الحكومية الرامية إلى تعزيز الطلب المحلي.
ردود الأسواق والتداعيات العالمية
تفاعلت الأسواق العالمية بسرعة مع التراجع في أرباح الصناعات الصينية. فقد شهدت أسعار السلع الأساسية مثل خام الحديد والنحاس والنفط تقلبًا كبيرًا، بينما انخفضت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ وشنغهاي بعد صدور البيانات. ولا يزال المستثمرون العالميون يتعاملون بحذر مع الأسهم والسندات الصينية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن سلاسل التوريد العالمية — التي تعتمد بشكل وثيق على الإنتاج الصناعي الصيني — بدأت تشعر بتداعيات التباطؤ. فمع انخفاض الإنتاج الصيني، قد تظهر نقص في المواد الخام أو ارتفاع في أسعار بعض السلع الوسيطة التي تدخل في صناعات الدول الأخرى.
نظرة مستقبلية: هل يمكن تحقيق تعافٍ؟
على الرغم من التحديات الحالية، لا يزال بعض المحللين متفائلين بإمكانية حدوث تعافٍ خلال النصف الثاني من العام. من المتوقع أن تعلن بكين عن المزيد من إجراءات التحفيز المستهدفة، بما في ذلك إعفاءات ضريبية للمصنعين، وحزم استثمارية في البنية التحتية، ودعم للقطاعات التكنولوجية.
لكن نجاح هذه الإجراءات سيعتمد على تجاوز العقبات الهيكلية والدورية معًا. فالمشكلات الهيكلية مثل الشيخوخة السكانية، وتفاوت الدخول، والاعتماد المفرط على الاستثمارات الثابتة، لا يمكن حلها بالسياسات قصيرة الأجل. أما العوامل الدورية، مثل التباطؤ الاقتصادي العالمي وضعف ثقة المستهلك، فتتطلب سياسة أكثر شفافية وتنسيقًا.
المستقبل الصناعي للصين مرهون بقدرتها على التكيف مع الواقع العالمي الجديد، وتبني الابتكار، وتحقيق توازن بين الضغوط القصيرة الأجل والإصلاحات طويلة المدى.
الخلاصة: تداعيات على الاقتصاد العالمي
إن تراجع أرباح الصناعات الصينية بنسبة 9% لا يمثل مجرد مشكلة داخلية للصين، بل هو قضية اقتصادية عالمية. ومع تحول الاقتصاد الصيني من نموذج قائم على التصدير إلى نموذج يرتكز على الاستهلاك والابتكار والاستدامة، فإن فترات الاضطراب تُعد متوقعة. لكن حجم هذه الاضطرابات وتكرارها سيكون لهما تأثير حاسم ليس فقط على مستقبل النمو في الصين، بل أيضًا على صحة الاقتصاد العالمي ككل.
بالنسبة للمستثمرين والشركات وصناع السياسات، سيكون من الضروري متابعة مؤشرات الأرباح الصناعية في الصين عن كثب لفهم مسار الاقتصاد العالمي في عام 2025 وما بعده.
فقرة ختامية محسّنة لتحسين ظهور المدونة في محركات البحث (SEO)
لتحسين أداء المدونة على محركات البحث وزيادة معدل ظهورها، تم دمج مجموعة من الكلمات المفتاحية عالية الترتيب ضمن النص، تشمل: أرباح الصناعات الصينية، تباطؤ التصنيع في الصين، الضغوط الاقتصادية في الصين، تراجع الإنتاج الصناعي، تأثير سلاسل التوريد العالمية، أخبار الاقتصاد الصيني يونيو 2025، الاستثمار الأجنبي في الصين، وتحليل قطاع التصنيع في الصين. تم اختيار هذه المصطلحات بعناية لتتماشى مع استفسارات البحث الرائجة المتعلقة بالاقتصاد الصيني، مما يساعد المدونة على جذب مزيد من الزوار العضويين وتقديم محتوى دقيق وحديث للجمهور العالمي المهتم بـ آفاق الاقتصاد الصيني وأداء القطاع الصناعي في عام 2025.