كدنا نعتقد أن العالم قد انتهى: كيف أسقطت أمريكا أربع قنابل نووية على إسبانيا عام 1966؟

كدنا نعتقد أن العالم قد انتهى: كيف أسقطت أمريكا أربع قنابل نووية على إسبانيا عام 1966؟

في يناير 1966، تحولت قرية بالوماريس الساحلية الهادئة في جنوب إسبانيا إلى مركز اهتمام عالمي بعد وقوع حدث صادم وغريب لدرجة أن السكان المحليين ظنوا أن نهاية العالم قد بدأت. سقطت أربع قنابل نووية من السماء – أمريكية المنشأ – مما أدى إلى أحد أكثر الحوادث النووية غرابة وتكتمًا في التاريخ. هذه هي القصة الحقيقية المرعبة عن كيف أسقط الجيش الأمريكي عن طريق الخطأ أربع قنابل هيدروجينية على الأراضي الإسبانية، مما هز المسرح الدولي وكشف عن المخاطر الخفية لـ عصر الحرب الباردة.


اصطدام جوي غيّر كل شيء

في 17 يناير 1966، كانت طائرة B-52 تابعة لسلاح الجو الأمريكي تحلق فوق البحر الأبيض المتوسط ضمن مهمة استراتيجية تُعرف باسم عملية الكروم دوم (Chrome Dome)، حيث كانت الطائرات الأمريكية المسلحة نوويًا تحلق باستمرار كجزء من الردع ضد الاتحاد السوفيتي.

خلال عملية التزود بالوقود في الجو، التقت طائرة B-52 بطائرة KC-135، ولكن حدث خطأ كارثي أدى إلى تصادم الطائرتين في الجو، مما أسفر عن انفجار هائل ومقتل جميع أفراد طاقم طائرة التزود بالوقود الأربعة، وثلاثة من أصل سبعة في طاقم B-52. وسقط الحطام المشتعل وحمولته النووية القاتلة – أربع قنابل هيدروجينية – نحو الأرض.


الحمولة النووية: ماذا سقط من السماء؟

كانت الطائرة B-52 تحمل أربع قنابل نووية من طراز B28، يبلغ حجم الانفجار لكل واحدة منها 1.45 ميغاطن – أي ما يعادل 100 مرة قوة القنبلة التي أُلقيت على هيروشيما. ولحسن الحظ، لم تكن القنابل في وضع التشغيل النووي الكامل، مما حال دون انفجارها الكامل.

إلا أن اثنتين من القنابل تحطمتا عند الارتطام بالأرض بالقرب من بالوماريس، مما أدى إلى تسرب البلوتونيوم – مادة مشعة وسامة للغاية – وانتشاره في المنطقة. أما القنبلتان الأخريان، فواحدة عُثر عليها سليمة على اليابسة، والأخرى تم العثور عليها لاحقًا في البحر بعد عملية بحث مضنية.


عملية الاسترداد: سباق ضد الإشعاع

أطلقت الولايات المتحدة سريعًا عملية عُرفت باسم Moist Mop، وهي عملية سرية تهدف إلى تنظيف الإشعاع المنتشر في إسبانيا. وصل مئات الجنود الأمريكيين يرتدون بدلات واقية ويحملون أجهزة قياس الإشعاع، مستخدمين آليات ثقيلة لحفر الأرض الملوثة.

تم جمع نحو 1400 طن من التربة والنباتات المشعة وشحنها إلى منشأة نفايات نووية في ولاية ساوث كارولاينا. استمرت العملية عدة أشهر، وتم التكتم إعلاميًا على حجم الكارثة.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة، لا تزال هناك مخاوف بشأن التلوث الإشعاعي طويل المدى وتأثيره على السكان المحليين حتى اليوم.


بالوماريس: القرية التي حاول الزمن نسيانها

لم يكن سكان بالوماريس يعلمون ما الذي حدث. اعتقد البعض أن زلزالًا قد وقع، وظن آخرون أن يوم القيامة قد حلّ. وفجأة، وجد المزارعون والصيادون أنفسهم محاطين بجنود يرتدون بزات واقية، ومروحيات تحلق فوق رؤوسهم، وطرقات مغلقة.

وفي الأسابيع التالية، خضع السكان لفحوصات للكشف عن التعرض للإشعاع. ورغم أن المسؤولين حاولوا التقليل من خطورة الموقف، إلا أن الشائعات عن الإصابة بالسرطان، وتلوث المياه، وتلف المحاصيل انتشرت بسرعة.

تضررت الزراعة والسياحة – المصدر الرئيسي للدخل – بشكل كبير، لكن السكان استمروا في حياتهم وسط الشكوك والخوف من المجهول.


القنبلة في البحر: البحث المنسي تحت الماء

من بين القنابل الأربع، سقطت واحدة في البحر الأبيض المتوسط، مما استدعى عملية بحث بحرية ضخمة. نشرت البحرية الأمريكية أكثر من 30 سفينة وغواصة، واستعانت بغواصة متخصصة سرية في ذلك الوقت تُدعى Alvin – وهي نفس الغواصة التي ساعدت لاحقًا في استكشاف حطام التيتانيك.

وبعد قرابة ثلاثة أشهر من البحث، تم العثور على القنبلة على عمق أكثر من 2500 قدم، وتم انتشالها بذراع روبوتية في عملية تُعد من أكثر عمليات الاسترداد تعقيدًا وسرية خلال الحرب الباردة.


العلاقات الأمريكية الإسبانية: زلزال سياسي

أدى الحادث إلى توتر شديد في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسبانيا. فعلى الرغم من أن إسبانيا لم تكن عضوًا في الناتو آنذاك، إلا أنها سمحت بوجود قواعد أمريكية على أراضيها.

وقد اعتُبر إسقاط أسلحة نووية على الأراضي الإسبانية انتهاكًا خطيرًا للسيادة، مما دفع الجنرال فرانسيسكو فرانكو إلى المطالبة بالتنظيف الكامل والتعويض، في حين حاولت واشنطن الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية والتقليل من شأن الحادث أمام الرأي العام.

تم التوصل إلى اتفاقات سرية، وتولت الولايات المتحدة تمويل عمليات التنظيف، وتم دفن الموضوع إعلاميًا ضمن سياق التوترات الدولية في الحرب الباردة.


إرث حادثة بالوماريس

لا تزال حادثة بالوماريس واحدة من أخطر الحوادث النووية في التاريخ، إلى جانب تشيرنوبيل، وثري مايل آيلاند، وفوكوشيما. وفي عام 2006 – بعد 40 عامًا من الحادث – كشفت الدراسات أن هناك بقايا تلوث إشعاعي في بعض المناطق.

استمرت الحكومة الإسبانية في الضغط على الولايات المتحدة لإجراء مرحلة ثانية من التنظيف، وتم الاتفاق على ذلك نظريًا، لكن التنفيذ تأخر لسنوات بسبب البيروقراطية وتغير الإدارات الأمريكية.

في السنوات الأخيرة، أصبحت الحادثة موضوعًا لعدة أفلام وثائقية وكتب وأبحاث أكاديمية، مما أثار تساؤلات جديدة حول السلامة النووية والشفافية الحكومية والعدالة البيئية.


لماذا يجب ألا ينسى العالم؟

إن خطورة ما حدث في بالوماريس لا تكمن فقط في حجم الحادث، بل في مدى قرب العالم من كارثة لا تُوصف، ومدى قلة المعلومات التي تم الكشف عنها في ذلك الوقت. يثير الحادث عدة أسئلة مهمة:

  • ماذا لو انفجرت القنابل فعلًا؟

  • ما مدى خطورة الدوريات الجوية المسلحة نوويًا؟

  • هل تتصرف الحكومات بشفافية في حال وقوع حوادث نووية؟

  • هل تم تعويض السكان المتضررين بشكل عادل؟

في زمن تتزايد فيه التوترات النووية، وتتصاعد فيه التجارب العسكرية، تظل حادثة بالوماريس تذكيرًا مرعبًا بأن الكارثة النووية لا تتطلب حربًا لتحدث.


خاتمة: فصل مخفي من التاريخ

كثير من الناس لم يسمعوا من قبل عن حادثة بالوماريس النووية عام 1966، وليس ذلك صدفة. فهذا الفصل المخفي من تاريخ الحرب الباردة يعكس مدى هشاشة العالم حتى في أوقات "السلام". كما يُبرز أهمية المساءلة، وحماية البيئة، ونزع السلاح النووي.

من سماء إسبانيا الزرقاء إلى أعماق المتوسط، غيّرت القنابل الهيدروجينية الأمريكية الأربع التي سقطت بالقرب من بالوماريس حياة الناس إلى الأبد – وكادت تغير مجرى العالم.


فقرة تحسين محركات البحث (SEO)

لتحسين ظهور هذه المقالة على الإنترنت وزيادة زيارات الموقع، تم تضمين كلمات مفتاحية عالية التصنيف مثل: حادث نووي خلال الحرب الباردة، قنابل بالوماريس النووية، سقوط قنابل نووية على إسبانيا، تحطم طائرة B-52، حادث نووي أمريكي، قنبلة هيدروجينية في إسبانيا، حوادث الأسلحة النووية، تنظيف التلوث الإشعاعي، وانتشال القنابل من البحر الأبيض المتوسط. تتماشى هذه الكلمات مع أبرز عمليات البحث المتعلقة بالكوارث العسكرية والتاريخ النووي والعلاقات الدولية، مما يضمن ظهورًا أفضل في نتائج البحث لمن يبحثون عن محتوى موثوق حول الحوادث النووية، وتحليل الأمن العالمي، والتاريخ السري للحرب الباردة.


هل ترغب في نسخة صوتية، أو تحويلها إلى إنفوجرافيك لتستخدمها في وسائل التواصل؟