الذهب يتجه نحو أسوأ أداء أسبوعي له منذ أكثر من شهرين

الذهب يتجه نحو أسوأ أداء أسبوعي له منذ أكثر من شهرين

لطالما اعتُبر الذهب الملاذ الآمن الأول على مرّ القرون. ففي أوقات الحروب، والاضطرابات المالية، وحتى أثناء الأوبئة، يتجه المستثمرون instinctively إلى الذهب كوسيلة للتحوّط ضد حالة عدم اليقين. لكن هذا الأسبوع، يبدو أن المعدن النفيس يفقد بريقه. فاعتبارًا من 2 مايو 2025، يتجه الذهب لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي له منذ أكثر من شهرين، مما أثار القلق والجدل بين المتداولين والاقتصاديين والمستثمرين على حدٍ سواء.

فما الذي يقف وراء هذا الانخفاض المفاجئ؟ ولماذا يفقد الذهب – الذي لطالما اعتُبر رمزًا للاستقرار – قيمته بهذه السرعة؟ وماذا يعني ذلك للأسواق والمحافظ الاستثمارية والاقتصادات على حد سواء؟

دعونا نحلل الوضع بعمق.


أسبوع عاصف للمعدن الثمين

مع تداولات صباح الجمعة في لندن ونيويورك، انخفض الذهب الفوري بنحو 4.8٪ منذ بداية الأسبوع، مسجلاً أسوأ أداء أسبوعي له منذ منتصف فبراير 2025. وبعد أن تجاوز سعر الأونصة 2350 دولارًا في الأسابيع الماضية بسبب التوترات الجيوسياسية، انخفض الآن إلى ما دون 2200 دولار — وهو انعكاس حاد أدهش المستثمرين المتفائلين بالذهب.

ورغم أن التقلبات القصيرة الأجل شائعة في أسواق السلع، إلا أن هذا التراجع السريع والحاد في سعر الذهب — خصوصًا في فترة من الهشاشة الاقتصادية — يشير إلى وجود عوامل أكثر تعقيدًا.


ما الذي يدفع الذهب إلى الانخفاض؟

1. قوة الدولار الأمريكي وارتفاع عوائد السندات

أحد الأسباب المباشرة للتراجع كان الانتعاش في مؤشر الدولار الأمريكي (DXY)، الذي استعاد قوته بفضل بيانات اقتصادية أمريكية أقوى من المتوقع. كما أن لهجة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تشددًا في آخر بيان للجنة السوق المفتوحة أثارت ارتفاعًا في عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، مما جعل الاستثمارات ذات العوائد الثابتة أكثر جاذبية مقارنة بالذهب الذي لا يدر عائدًا.

وعندما يقوى الدولار، يصبح الذهب – المُسعّر بالدولار – أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى، مما يقلل من الطلب العالمي عليه. كما أن ارتفاع عوائد السندات يزيد من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب.

2. جني الأرباح بعد موجة صعود قوية

شهد الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في أوائل عام 2025 بسبب تصاعد التوترات الجيوسياسية، ومخاوف التضخم المستمر، وتكهنات بخفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية. ومع وصول الأسعار إلى أعلى مستوياتها منذ شهور، اختار العديد من المستثمرين – خاصة الصناديق الكبرى – هذا الأسبوع لجني الأرباح.

وبحسب بيانات لجنة تداول السلع الآجلة الأمريكية (CFTC)، انخفضت مراكز الشراء الصافية على عقود الذهب الآجلة هذا الأسبوع، ما يشير إلى أن المتداولين يقومون بتقليص رهاناتهم الصاعدة.

3. تباطؤ الطلب من الأسواق الرئيسية

تشهد كل من الصين والهند – وهما من أكبر مستهلكي الذهب في العالم – تراجعًا في الطلب. ففي الهند، أدت الأسعار المرتفعة إلى انخفاض المشتريات خلال موسم الأعراس. أما في الصين، فما زال تعافي الاقتصاد بطيئًا والمستهلكون أكثر تحفظًا، مما أثر على شراء الذهب للاستثمار أو المجوهرات.


هل هو تحوّل في الاتجاه أم تصحيح مؤقت؟

رغم أن الأداء الأسبوعي يبدو صادمًا، إلا أن العديد من المحللين يدعون إلى التريث قبل إعلان دخول الذهب في موجة هبوط طويلة.

تقول مارتينا ألفاريز، كبيرة محللي السلع في شركة "بلاكهوك فاينانس":

"الذهب ارتفع بسرعة أكبر من اللازم. ما نشهده الآن هو استراحة – وليس انهيارًا. الأساسيات التي تدعم الذهب لا تزال قائمة على المدى المتوسط والطويل، خصوصًا إذا بقي التضخم أعلى من التوقعات".

لكن، من الواضح أن هناك تغيرًا في المزاج العام. فالعديد من المتداولين الأفراد على منصات مثل eToro وRobinhood بدأوا بتحويل أموالهم نحو أسهم التكنولوجيا والعملات الرقمية، خصوصًا مع ارتفاع البيتكوين هذا الأسبوع مجددًا فوق 65,000 دولار.


البنوك المركزية تراقب... دون أن تتراجع

من المثير للاهتمام أن البنوك المركزية – خاصة في الأسواق الناشئة – لم تظهر أي تراجع في وتيرة شراء الذهب. فالبنك المركزي الصيني ونظيره الهندي لا يزالان من المشترين الصافين في عام 2025، وفقًا لتقرير مجلس الذهب العالمي.

وعادةً ما تشتري هذه المؤسسات الذهب كجزء من استراتيجية طويلة الأجل لتنويع الاحتياطات وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي. وتقلبات الأسعار قصيرة الأجل لا تؤثر كثيرًا في هذه السياسات.

لكن، إذا استمر هذا التراجع أكثر من بضعة أسابيع، قد نرى بعض التراجع في وتيرة الشراء – خاصة من الدول التي تعاني من أزمات داخلية وارتفاع معدلات التضخم.


التأثير على المستثمرين والمحافظ

بالنسبة للمستثمرين الأفراد، فإن انخفاض هذا الأسبوع يحمل رسالة مزدوجة: من جهة، يؤكد أن حتى الأصول الآمنة قد تكون متقلبة؛ ومن جهة أخرى، قد يمثل فرصة شراء مغرية لمن يؤمن بقيمة الذهب على المدى الطويل.

ينصح المستشارون الماليون حاليًا بإعادة تقييم التوزيع الاستثماري. فمن لديهم حصة كبيرة من الذهب قد ينظرون في تقليصها، أو استخدام أوامر وقف الخسارة لحماية الأرباح. بينما قد يختار آخرون الشراء التدريجي، خاصة إذا استمر الانخفاض إلى ما دون 2000 دولار للأونصة.


تراجع أسهم شركات التعدين أيضًا

لم يقتصر التأثير على الذهب المادي وصناديق الاستثمار المتداولة، بل امتد إلى أسهم شركات التعدين أيضًا. فقد انخفض مؤشر GDX لأكبر شركات تعدين الذهب بأكثر من 7٪ هذا الأسبوع، مع هبوط أسهم شركات كبرى مثل Newmont وBarrick Gold.

يعتمد أداء شركات التعدين بشكل مباشر على أسعار الذهب. ومع تراجع الأسعار وارتفاع تكاليف الإنتاج والطاقة، تصبح هوامش الربح أضيق، مما يزيد الضغط على هذه الشركات.


هل حان وقت الشراء؟

يرى بعض المستثمرين أن هذا الانخفاض فرصة سانحة للشراء. فمع استمرار التضخم، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وتزايد المخاوف من مستويات الديون الأمريكية، لا تزال الأسباب الداعمة للذهب قائمة.

تقول ألفاريز:

"كل مرة يصحح الذهب، يبدأ البعض بالذعر. لكن تاريخيًا، من اشترى في فترات التراجع غالبًا ما كان المستفيد الأكبر".

ومع ذلك، تحذر من محاولة توقيت القاع، وتوصي بالاستثمار التدريجي والمنضبط.


ماذا نتابع الأسبوع القادم؟

هناك عدة مؤشرات قد تؤثر على أسعار الذهب خلال الأيام المقبلة:

  • تقرير الوظائف الأمريكية (3 مايو): بيانات قوية قد تدفع الدولار والعوائد للارتفاع، مما يزيد الضغط على الذهب.

  • بيانات التضخم في أوروبا وآسيا: استمرار التضخم سيدعم الذهب كأداة تحوط.

  • تصريحات جديدة من الفيدرالي: أي لهجة أقل تشددًا قد تعيد الدعم للذهب.

  • الأحداث الجيوسياسية: أي تصعيد جديد قد ينعش الطلب على الذهب كملاذ آمن.


الذهب من منظور إنساني: أكثر من مجرد سلعة

بعيدًا عن التحليلات والمؤشرات، ينسى البعض أن الذهب يحمل بعدًا إنسانيًا عميقًا. ففي الهند، يُعد الذهب جزءًا من التقاليد والمهر. وفي الشرق الأوسط وأفريقيا، يرمز إلى الثروة والكرامة. وحتى في الغرب، يُمنح كرمز للحب والإرث والصمود.

لذا، رغم تقلبات السوق، يظل الذهب بالنسبة للكثيرين أكثر من مجرد سلعة – بل رمزًا للقيمة والثقة على مرّ العصور.


خلاصة القول

قد تقول العناوين إن الذهب يسجل أسوأ أداء أسبوعي له منذ أكثر من شهرين، لكن السياق مهم. الأسواق دورية، والتصحيحات طبيعية، ورغم التقلبات، لم تختفِ الأسباب التي تدفع الناس نحو الذهب.

سواء كان هذا مجرد توقف قبل انطلاقة جديدة أو بداية مسار هابط، فإن الأكيد أن الذهب سيظل يلمع من جديد.


فقرة تحسين محركات البحث (SEO)

مع تزايد التقلبات في أسواق الذهب، بات من الضروري متابعة الأخبار الاقتصادية، وسياسات الفيدرالي الأمريكي، وتحركات الدولار، والاتجاهات العالمية في الاستثمار في المعادن الثمينة. يوفر هذا المقال تحليلًا شاملًا لأداء الذهب هذا الأسبوع، ويمنح القراء رؤية واضحة حول تأثيرات التضخم، ومؤشرات السوق، وتوجهات الاستثمار طويلة الأجل. لمتابعة آخر تطورات أسعار الذهب، وأسهم شركات التعدين، واستراتيجيات التحوط، تابع موقعنا للحصول على تقارير محدثة يوميًا. الكلمات المفتاحية: هبوط أسعار الذهب 2025، تأثير الدولار على الذهب، الذهب والتضخم، أفضل وقت لشراء الذهب، أخبار سوق الذهب اليوم، اتجاهات الاستثمار في الذهب، انهيار أسهم شركات الذهب، الفيدرالي والذهب، استراتيجية الذهب طويلة المدى.


هل ترغب بترجمتها إلى لغات أخرى مثل الإسبانية أو الهندية أو الصينية؟