
من هو زوران ممداني؟ المرشح المسلم لمنصب عمدة مدينة نيويورك
في المشهد السياسي المتغير باستمرار في مدينة نيويورك، يبرز اسم جديد يلفت أنظار الناخبين من مختلف الخلفيات والمناطق. زوران ممداني، القائد الجريء والمبدئي والذي لا يساوم على مبادئه، يظهر الآن على الساحة السياسية بخطى واثقة نحو منصب عمدة المدينة لعام 2025. وبينما تتعافى المدينة من سنوات من عدم المساواة الاقتصادية، وارتفاع تكاليف السكن، والتحديات الناتجة عن مرحلة ما بعد الجائحة، يبحث الناخبون عن مرشح لا يمثل التغيير فقط، بل يُجسّد التمثيل الحقيقي. وهنا يظهر دور ممداني.
زوران ممداني ليس مجرد عنوان في الأخبار. إنه تجسيد حي لتنوع مدينة نيويورك، وصوت المجتمعات المهمشة، وناشط مدفوع بالسياسات الواقعية ويملك خبرة تشريعية حقيقية. ولكن من هو زوران ممداني بالضبط؟ وما الذي يمثله؟ ولماذا تثير حملته كل هذا الزخم، ليس فقط بين التقدميين، بل أيضًا بين الأجيال والثقافات المختلفة؟
صعود زوران ممداني: من القواعد الشعبية إلى قاعات الحكومة
لم يبدأ زوران ممداني مسيرته السياسية في أروقة السلطة، بل بدأ في شوارع كوينز، حيث عمل منظّمًا لحملات حقوق المستأجرين، مدافعًا عن الإسكان الميسور، وحقوق السكان، وعدالة المجتمعات المهاجرة. وهو نجل المفكر الأكاديمي الشهير محمود ممداني (المولود في أوغندا لأصول هندية) والمخرجة السينمائية العالمية ميرا ناير. وُلد زوران في كمبالا، أوغندا، لكنه نشأ في مدينة نيويورك—ما يجعل قصته مرآة حقيقية لتجربة الهجرة التي تُعرّف جزءًا كبيرًا من هوية المدينة.
في عام 2020، دخل التاريخ بفوزه على نائب مخضرم ليمثل المنطقة التشريعية رقم 36 في أستوريا. وبصفته عضوًا في "الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا" (DSA)، ترك ممداني بصمة واضحة في ألباني عاصمة الولاية. شارك في صياغة ودعم تشريعات تقدمية مهمة، مثل حماية المستأجرين، مبادرات العدالة البيئية، وإصلاحات المواصلات العامة. وتميز أسلوبه بالتركيز على المجتمع واحتياجاته المباشرة، ما أكسبه ثقة شريحة واسعة من السكان.
لكن ممداني لم يقتصر على دوره التشريعي، بل حول وظيفته إلى قيادة مجتمعية حقيقية. حيث نظم جلسات حوارية أسبوعية، دافع عن أصحاب الأعمال الصغيرة، وشارك في إضرابات الإيجارات والاحتجاجات، مما جعله أحد القلة من السياسيين الذين يتواجدون دائمًا مع الناس—حتى عندما لا تكون الكاميرات حاضرة.
تمثيل مسلم في لحظة سياسية حاسمة
ما يجعل حملة زوران ممداني لمنصب العمدة ذات أهمية تاريخية هو هويته كمرشح مسلم في واحدة من أكثر مدن العالم تنوعًا. وعلى الرغم من أن نيويورك شهدت تمثيلًا مسلمًا ملحوظًا على مستوى المجالس المحلية، إلا أن أي مسلم لم يقترب من منصب العمدة سابقًا.
ممداني لا يخوض هذه الحملة رغم كونه مسلمًا، بل يفخر بهويته الدينية التي تُلهم رؤيته السياسية المرتكزة على العدالة والشمول. في مدينة تضم أكثر من 800,000 مسلم، تمثل حملته فرصة حقيقية لإيصال صوت طالما تم تهميشه في الخطاب السياسي الأمريكي. وبينما لا تزال ظاهرة "الإسلاموفوبيا" منتشرة، فإن ترشحه يمنح الأمل لآلاف المسلمين الشباب في نيويورك.
وقال زوران ذات مرة: "التمثيل لا يقتصر على الحضور، بل على التغيير. إنه يتعلق بما نفعله عندما نكون داخل الغرفة."
برنامج تقدمي واقعي
حملة زوران ممداني ليست مجرد شعارات، بل تقوم على برنامج سياسي متكامل يواجه أبرز التحديات التي تواجه مدينة نيويورك اليوم.
1. عدالة الإسكان للجميع
أزمة السكن هي التحدي الأكبر في نيويورك. وممداني من أبرز المدافعين عن سياسات حماية المستأجرين. تشمل خطته:
-
تجميد الإيجارات على مستوى المدينة لمدة عامين.
-
تحويل المكاتب الفارغة إلى شقق سكنية بأسعار معقولة.
-
توسيع الإسكان العام ورفض خصخصة مشاريع NYCHA.
-
فرض ضريبة على الوحدات السكنية الفارغة.
2. النقل العام كحق
منذ البداية، دعم ممداني المواصلات العامة كمطلب أساسي:
-
توفير الحافلات مجانًا في كل الأحياء.
-
تطوير محطات المترو لتصبح أكثر ملاءمة لذوي الإعاقات.
-
تمويل النقل العام عبر ضرائب على الأثرياء وتطوير آلية تسعير الازدحام المروري.
3. نيويورك الخضراء
تغير المناخ أصبح واقعًا ملموسًا، وممداني يدعو إلى:
-
تنفيذ صفقة خضراء في الأبنية العامة.
-
خلق وظائف خضراء في المجتمعات المحرومة.
-
تعزيز البنية التحتية لمواجهة الكوارث البيئية بشكل عادل.
4. الأمن المجتمعي وإصلاح الشرطة
يتبنى ممداني موقفًا صريحًا تجاه إصلاح النظام الأمني:
-
إعادة تخصيص مليار دولار من ميزانية شرطة نيويورك لصالح خدمات الصحة والتعليم والإسكان.
-
إلغاء الحصانة الممنوحة للضباط.
-
إنشاء وحدات أمان مجتمعية تعتمد على العدالة التصالحية.
5. حقوق المهاجرين
كابن لمهاجرين، يضع ممداني هذه القضية في قلب برنامجه:
-
توسيع بطاقة الهوية البلدية لتشمل المهاجرين غير الموثقين.
-
تخصيص أموال للدفاع القانوني عن المهاجرين.
-
تعزيز سياسات "الملاذ الآمن" ومنع تدخل ICE في مؤسسات المدينة.
ليست مجرد حملة… إنها حركة
ترشح زوران ممداني لا يمثل مجرد حملة انتخابية، بل حركة اجتماعية حقيقية. اجتذبت حملته مئات المتطوعين من مختلف أنحاء المدينة، ووحدت بين النشطاء المخضرمين والمنظمين الجدد. بدعم من النقابات، ومنظمات العدالة العرقية، وجماعات الدفاع عن السكن، والائتلافات الدينية، تُدار الحملة بلغات متعددة—تمامًا كطبيعة نيويورك.
تستحضر هذه الديناميكية الحملات الناجحة لسياسيين مثل ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، جمال بومان، وتيفاني كابان—ولكن مع إضافة خاصة: إدماج الهوية الدينية ضمن الخطاب التقدمي.
التحديات والفرص
بالطبع، يواجه ممداني تحديات كبيرة. المؤسسة السياسية في نيويورك مترسخة، والممولون الأثرياء يدعمون المرشحين الوسطيين. البعض يرى أن سياساته مثالية أكثر من اللازم، وآخرون يشككون في قدرته الإدارية.
لكن ممداني لا يتهرب من هذه التحديات، بل يواجهها مباشرة. يشارك في النقاشات، يوضح رؤيته، ويخاطب مشكلات السكان بشفافية وصدق. قوته الحقيقية تكمن في مصداقيته—فهو لا يستخدم رسائل معدّة مسبقًا، بل يتحدث من القلب عن معاناة الناس وآمالهم.
ترشح يعكس روح نيويورك الحقيقية
في نواحٍ عديدة، يجسد زوران ممداني جوهر مدينة نيويورك الحديثة: متعددة الأعراق، متعددة اللغات، متعددة الديانات، ومليئة بالطبقات الاجتماعية. صعوده السياسي شهادة على قوة التنظيم الشعبي، وتحدٍ مباشر للواقع القائم، ورسالة تقول إن السياسة يمكن أن تخدم الجميع—not فقط الأغنياء أو أصحاب النفوذ.
في وقت تزداد فيه الشكوك تجاه السياسيين، يمثل ممداني الأمل، دون وعود زائفة. لا يدّعي امتلاك جميع الحلول، لكنه يبني حملة تستند إلى الاستماع، والتعلم، والحكم المشترك مع الناس.
وإذا تم انتخابه، فسيكون أول عمدة مسلم في تاريخ نيويورك، وواحدًا من أوائل المسلمين الذين يقودون مدينة بهذا الحجم في أمريكا. لكنه سيكون أيضًا عمدة نابع من نبض الشارع، ومسلّح برؤية واضحة لمستقبل أكثر عدالة وشمولًا.
الخلاصة
مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية في نيويورك لعام 2025، تمثل حملة زوران ممداني فرصة فريدة لإعادة تشكيل السياسة المحلية، وتوسيع النقاش الوطني حول من يحق له القيادة، ومن تُحسب أصواتهم، وكيف يجب أن يبدو القائد في مدينة بهذا التنوع والتعقيد.
سواء كنت تتفق مع كل سياساته أم لا، هناك شيء واحد مؤكد: زوران ممداني اسم ستسمع عنه كثيرًا. وفي مدينة لا تنام، قد يكون هو الإنذار الذي تحتاجه السياسة لتستيقظ.