أرباح "نوكيا" في الربع الأول تبلغ 153 مليون يورو بانخفاض 70%: ما الذي حدث؟

أرباح "نوكيا" في الربع الأول تبلغ 153 مليون يورو بانخفاض 70%: ما الذي حدث؟

في عالم الأعمال الذي تتغير فيه موازين القوى كل ربع مالي، جاء تقرير الأرباح الأخير لشركة نوكيا صادمًا للأسواق. الشركة الفنلندية التي كانت يومًا رمزًا للابتكار واسماً مألوفًا في مجال التكنولوجيا المحمولة، أعلنت عن انخفاض حاد في أرباحها بنسبة 70% في الربع الأول من عام 2025، لتسجل 153 مليون يورو فقط. هذا التراجع غير المتوقع لم يصدم فقط المستثمرين، بل أعاد أيضًا فتح النقاش حول مكانة الشركة في سوق يتغير بسرعة.

لكن خلف هذه الأرقام القاسية قصة معقدة من التحديات العالمية، وتغيرات السوق، ومحاولات يائسة لاستعادة المكانة في بيئة رقمية متسارعة. في هذه التدوينة، نلقي نظرة إنسانية وتحليلية على أسباب تراجع أداء نوكيا في الربع الأول، وتداعيات ذلك على الصناعة، وخطط الشركة المستقبلية.


الأرقام تتحدث: نظرة على الأداء المالي

أظهرت نتائج "نوكيا" في الربع الأول من عام 2025 أن أرباحها الصافية بلغت 153 مليون يورو، مقارنة بـ 509 مليون يورو في نفس الفترة من العام الماضي، أي بانخفاض حاد بنسبة 70%. وقد شكل هذا الرقم صدمة للمحللين، خاصة في ضوء الأداء القوي الذي حققته الشركة خلال العامين الماضيين بفضل توسعها في خدمات الجيل الخامس (5G) وحلول الشركات.

وانخفضت الإيرادات أيضًا بنسبة 19%، من 5.86 مليار يورو إلى 4.75 مليار يورو. وأرجعت الشركة ذلك إلى تراجع الطلب في أمريكا الشمالية، واستمرار التحديات الاقتصادية العالمية، وتأخير تنفيذ المشاريع في عدة أسواق.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة بيكا لوندمارك في بيان:

"نواجه بيئة مليئة بالتحديات، وقد استمر الضعف في الطلب الذي بدأ في نهاية عام 2024 إلى العام الجديد، مما أثر على قطاعات رئيسية من أعمالنا."


التأثير الإنساني: الوظائف، المعنويات، وعدم اليقين

ورغم أن الأرقام المالية هي التي تتصدر العناوين، إلا أن هناك جانبًا إنسانيًا لا يُرى بسهولة. حيث تم الإبلاغ عن إعادة هيكلة داخلية في عدة فرق بالشركة، إلى جانب خطط لخفض التكاليف، مما خلق جوًا من القلق بين الموظفين.

قال مهندس برمجيات في مقر الشركة في "إسبو" – طلب عدم ذكر اسمه – إن الأجواء "متوترة لكن فيها أمل".

"رأينا نوكيا تنهض من قبل. لكن الآن، هناك صمت في قاعة الطعام. الجميع يترقب... بانتظار خطوات الإدارة القادمة."

وقد واجهت "نوكيا" تحديات مشابهة في الماضي، من خسارتها لسوق الهواتف المحمولة، إلى تحوّلها نحو البنية التحتية للشبكات. ومع ذلك، لا يزال العديد من الموظفين يرون فيها أكثر من مجرد شركة، بل رمزًا للابتكار الفنلندي والثبات أمام العواصف.


لماذا حدث هذا التراجع؟ شبكة معقدة من العوامل

1. الضغوط الاقتصادية العالمية

مثل كثير من الشركات متعددة الجنسيات، تتعرض "نوكيا" لضغوط بسبب التضخم العالمي، وارتفاع أسعار المواد، وتقلبات العملات. كما أن قيود سلاسل الإمداد، وخاصة في مجال أشباه الموصلات الضرورية للبنية التحتية للجيل الخامس، سببت تأخيرًا في تنفيذ المشاريع.

2. المنافسة الشرسة

سوق معدات الاتصالات يشهد منافسة محتدمة. حيث تواجه نوكيا تحديات كبيرة من شركات مثل هواوي وإريكسون وسامسونج نتووركس، والتي تطرح عروضًا مغرية وأسعارًا أقل، مما يؤثر على حصص "نوكيا" في الأسواق.

3. أداء ضعيف في أمريكا الشمالية

أشارت "نوكيا" إلى أن أمريكا الشمالية كانت من أكثر المناطق التي شهدت انخفاضًا في الأداء. فرغم علاقاتها مع شركات مثل AT&T وT-Mobile، فإن تباطؤ الاستثمارات في شبكات 5G أثر سلبًا على الإيرادات.

4. فجوة بين الابتكار والتطبيق

رغم استثمار "نوكيا" في أبحاث الجيل السادس (6G)، فإن العديد من عملائها لا يزالون في مراحل مبكرة من نشر الجيل الخامس، مما يخلق فجوة بين التطوير والربح.


رد نوكيا: خطة استراتيجية جديدة

في ضوء هذه الخسائر، أعلنت "نوكيا" عن خطة تعافي متعددة المحاور تهدف إلى تعزيز المرونة والتركيز على الابتكار والتحول الرقمي.

إعادة التركيز على البرامج والخدمات

بدأت "نوكيا" بالفعل في التحول نحو البرمجيات والخدمات السحابية، التي تقدم هوامش ربح أعلى ولا تعتمد على سلسلة الإمداد المرهقة.

التوسع في الأسواق الناشئة

تمثل الهند وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية فرصًا جديدة للنمو، حيث تسارع هذه الدول في تبني تقنيات 5G والرقمنة.

تقليص التكاليف وإعادة هيكلة القوى العاملة

تتجه الشركة نحو تقليص المصاريف، وقد يشمل ذلك دمج قطاعات ضعيفة الأداء، وإعادة توزيع القوى العاملة. وأكدت الشركة أنها ستقوم بذلك بـ"شفافية وتعاطف".


ماذا يقول المحللون؟

الآراء منقسمة حول مستقبل "نوكيا". فبينما يرى البعض أن الشركة تواجه تحديات وجودية، يعتقد آخرون أن الأمر لا يتعدى كونه نكسة مؤقتة.

قال المحلل ماركوس ويلر من "دويتشه بنك":

"نوكيا تمتلك أساسات قوية. نعم، النتائج صعبة، لكنها ليست النهاية. تنوع منتجاتها واستثمارها في البنية التحتية المستقبلية يمكن أن يعيد لها قوتها."

وفي المقابل، تراجع سهم نوكيا بنسبة 11% بعد إعلان الأرباح، وعدّل عدد من المحللين تصنيف السهم من "شراء" إلى "احتفاظ".


التأثير على صناعة الاتصالات العالمية

أداء "نوكيا" في الربع الأول يشكل جرس إنذار لصناعة الاتصالات، وقد يؤدي إلى:

  • تأجيل نشر شبكات الجيل الخامس في بعض الدول

  • ازدياد الاعتماد على المنافسين مثل "هواوي" و"إريكسون"

  • توجه الشركات نحو الشبكات المعرفة بالبرمجيات والحلول السحابية

  • تغيّر في أولويات الاستثمار لدى شركات الاتصالات


نظرة إلى المستقبل: الربع الثاني وما بعده

رغم الصدمة، تتمسك "نوكيا" بالتفاؤل تجاه ما تبقى من عام 2025. لم تقم الشركة بتعديل توقعاتها للعام بأكمله، متوقعة انتعاشًا طفيفًا بحلول الربع الثالث.

وأكد الرئيس التنفيذي:

"نحن لا نتوقف. نتطور بسرعة، ونستكشف نماذج أعمال جديدة، ونتوسع في مجالات غير تقليدية."

من شبكات الأقمار الصناعية إلى الجيل الخامس الخاص بالشركات، تواصل "نوكيا" استكشاف مجالات جديدة قد تعيد تشكيل مستقبل الاتصالات.


خلاصة: نكسة وليست نهاية

في قصة "نوكيا"، هذا الانخفاض الكبير ليس نهاية الطريق بل إشارة لإعادة التقييم. تميزت الشركة دائمًا بالقدرة على النهوض بعد السقوط. من الريادة في الهواتف إلى التحديات، أثبتت مرونة نادرة.

الأرقام صعبة، نعم. لكن في كل أزمة فرصة. وإذا نجحت نوكيا في الجمع بين إرثها العريق والمرونة الحديثة، فقد تعود لتقود العالم مرة أخرى — ولكن بأسلوب أكثر ذكاءً وربطًا وشمولًا.


فقرة لتحسين ظهور المدونة في محركات البحث (SEO)

تعتمد هذه المدونة على كلمات مفتاحية عالية الأداء مثل:
أرباح نوكيا الربع الأول 2025، انخفاض أرباح نوكيا 70%، نوكيا 5G، مستقبل الاتصالات 2025، بيكا لوندمارك نوكيا، تحليل سوق الاتصالات العالمي، سهم نوكيا اليوم، وتوقعات نوكيا 2025.
وذلك لتعزيز الظهور في نتائج البحث، وزيادة الزيارات العضوية، وجذب جمهور أكبر إلى منصتكم الإخبارية والتقنية.


هل ترغب بتحويل هذه المدونة إلى فيديو قصير أو إدراج صورة مرئية معبرة للمنشور؟ يمكنني مساعدتك فورًا!