
احتكار أم منافسة؟ "ميتا" تواجه لحظة الحقيقة في واشنطن
في ما يعتبره الكثيرون لحظة حاسمة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، تواجه شركة "ميتا" (Meta Platforms Inc.)، الشركة الأم لفيسبوك، إنستغرام، واتساب، وثريدز، أكبر اختبار قانوني وسياسي في تاريخها. يجتمع المشرعون الأميركيون في العاصمة لتحديد ما إذا كان النفوذ الهائل لشركة ميتا في وسائل التواصل والإعلانات الرقمية يُعدّ احتكارًا — وإذا كان الأمر كذلك، فهل ينبغي تفكيكها؟
هذه ليست مجرد جلسة استماع. إنها معركة من أجل مستقبل الحرية الرقمية، والابتكار، والمنافسة في العصر الرقمي.
إمبراطورية ميتا: إلى أي مدى يمكن أن تتوسع؟
لا يمكن إنكار تأثير شركة ميتا على العالم الرقمي. فمنذ تأسيسها في عام 2004 كفيسبوك، تطورت الشركة لتصبح قوة عالمية تضم أكثر من 3.9 مليار مستخدم نشط شهريًا عبر تطبيقاتها المختلفة. ومع استحواذها على إنستغرام في عام 2012، وواتساب في عام 2014، وإطلاق ثريدز في عام 2023، أنشأت ميتا منظومة مترابطة تهيمن على التواصل، وتوزيع الأخبار، والتفاعل الاجتماعي، والآن على الواقع الافتراضي من خلال "ميتا كويست".
ويرى النقاد أن هذا التوسع الأفقي والعمودي قد خنق المنافسة فعليًا، ومنح ميتا ميزة غير عادلة وخلق حواجز عالية أمام دخول الشركات الناشئة. وترى لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) ووزارة العدل (DOJ) أن عمليات الاستحواذ هذه كانت تهدف إلى إقصاء المنافسين أكثر من مجرد التنافس معهم.
ضغط متصاعد من المشرعين
خلال جلسة لجنة القضاء في مجلس الشيوخ اليوم، واجه الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ، أسئلة نارية من نواب الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول تاريخ الاستحواذات والسلوك الاحتكاري المزعوم للشركة. السيناتور "آمي كلوبوشار"، وهي من أبرز الداعمين لتشريعات مكافحة الاحتكار، اتهمت ميتا بأنها "تستخدم قاعدة مستخدميها كسلاح لسحق المنافسة والسيطرة على الأسواق".
في حين أعرب السيناتور الجمهوري "جوش هاولي" عن قلقه من خوارزميات ميتا، قائلاً إنها تفضل سرديات معينة وتكمّم الأصوات المعارضة، مما يعزز احتكارها من خلال التحكم في النقاش العام.
أما دفاع ميتا؟ فقد أكد زوكربيرغ أن الشركة تعمل ضمن بيئة شديدة التنافسية تضم تيك توك، ويوتيوب، وسناب شات، ومنصة "إكس" (تويتر سابقًا)، وغيرها. وقال: "نبتكر لنحافظ على أهميتنا، وننجح لأن المستخدمين يختاروننا".
لكن الجهات التنظيمية لا تقتنع بذلك. فقد أعادت لجنة التجارة الفيدرالية فتح دعوى قضائية تطالب بتفكيك شركتي إنستغرام وواتساب. والمخاطر اليوم أكبر من أي وقت مضى.
لحظة تحول في تاريخ مكافحة الاحتكار الأمريكي
ليست هذه المرة الأولى التي تُواجه فيها شركة تكنولوجيا كبرى مثل هذا التدقيق. ففي أواخر التسعينيات، خاضت مايكروسوفت معركة مشابهة، وانتهت باتفاق تاريخي. لكن ميتا اليوم تعمل في عصر تتصدر فيه قضايا الخصوصية الرقمية، والتلاعب بالخوارزميات، والمحتوى المُنشأ بالذكاء الاصطناعي أولويات النقاش العام.
رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية "لينا خان"، المعروفة بانتقادها العلني لعمالقة التكنولوجيا، تقود موجة جديدة من التفكير التنظيمي. لم تعد مسألة الاحتكار تقتصر على الأسعار أو الضرر المباشر للمستهلك، بل أصبحت مرتبطة بـ تهديد الديمقراطية والابتكار والحريات المدنية.
وإذا قررت الحكومة الأمريكية تفكيك ميتا، فسيكون ذلك أكبر إجراء لمكافحة الاحتكار في التاريخ الحديث، مع تداعيات هائلة على شركات التكنولوجيا العالمية ومستقبل تنظيم الإنترنت.
قوة البيانات: العملة الجديدة للهيمنة
من أبرز الاتهامات الموجهة إلى ميتا هي امتلاكها أكبر قاعدة بيانات شخصية على الكوكب. كل إعجاب، تعليق، صورة، رسالة، أو عملية بحث تُغذي ملفًا رقميًا ضخمًا يساهم في تشغيل آلة إعلانات بقيمة 118 مليار دولار سنويًا.
وبفضل إمكانيات الاستهداف الدقيق، تستحوذ ميتا على أكثر من 50% من سوق الإعلانات الرقمية العالمية، إلى جانب جوجل.
أما الشركات الناشئة فتجد صعوبة في المنافسة، لأنها لا تمتلك نفس حجم البيانات أو الموارد. وبهذا تخلق ميتا ما يشبه حديقة رقمية مغلقة تنمو فيها بلا توقف.
ومع دخول الذكاء الاصطناعي، يحذر النقاد من أن ميتا تستخدم تلك البيانات لتدريب خوارزميات معقدة يمكنها التنبؤ بسلوك المستخدم، والتأثير عليه، وربما حتى توجيهه نحو قرارات محددة — سواء في التسوق أو في السياسة.
ضغط عالمي متزايد
المعركة ضد ميتا لا تقتصر على الولايات المتحدة. فقد فرض الاتحاد الأوروبي بالفعل غرامات بمليارات الدولارات على الشركة بسبب انتهاكات لائحة حماية البيانات GDPR. كما أجبر قانون الأسواق الرقمية (DMA) لعام 2024 ميتا على فتح تطبيقاتها للتشغيل البيني مع خدمات مراسلة أخرى.
وفي الهند، تخضع الشركة لتحقيقات تتعلق بـ انحيازها للمحتوى السياسي، في حين تواصل البرازيل وأستراليا تحدي نفوذها في الإعلانات وتوزيع الأخبار.
أما جلسة اليوم في الكونغرس الأميركي، فتمثل لحظة حاسمة: العالم يراقب ليرى ما إذا كانت واشنطن تمتلك الشجاعة لمواجهة عمالقة التكنولوجيا.
ماذا يعني ذلك للمستخدمين؟
من وجهة نظر المستخدم، ليست مسألة احتكار ميتا مجرد قضية قانونية — بل تؤثر بشكل مباشر على حرية الاختيار، وملكية البيانات، والصحة النفسية، وتنوع المحتوى.
إذا تم تفكيك ميتا:
-
قد تعمل إنستغرام وواتساب بشكل مستقل، مما قد يحفز الابتكار.
-
سيشهد المستخدمون تحسينات في الخصوصية، لأن مشاركة البيانات بين التطبيقات ستُقيد.
-
قد يحصل المعلنون والمطورون على بدائل أرخص وأكثر تنافسية.
أما المؤيدون لبقاء ميتا موحدة، فيرون أن التكامل بين التطبيقات يخلق تجربة سلسة، ويعزز الأمان، ويوفر الراحة في الاستخدام.
لكن السؤال يبقى: هل تستحق الراحة التضحية بالحرية والابتكار؟
رهان زوكربيرغ: ثريدز والميتافيرس
تعتمد استراتيجية ميتا الحالية على نجاح تطبيق ثريدز كبديل لتويتر، وتوسّعها في عالم الميتافيرس من خلال مشروع "رياليتي لابز".
وقد حقق ثريدز تقدمًا ملحوظًا بعد الجدل المتواصل حول إدارة "إيلون ماسك" لمنصة إكس. لكنه يُتهم أيضًا بأنه مجرد تقليد للمنصات المنافسة، كما فعلت ميتا سابقًا مع "القصص" لمنافسة سناب شات، و"ريلز" لمنافسة تيك توك.
أما مشروع الميتافيرس، فقد أنفقت عليه ميتا أكثر من 60 مليار دولار حتى الآن، لكن الإقبال الجماهيري لا يزال محدودًا. ويرى النقاد أن الشركة تسعى إلى احتكار الجيل القادم من التفاعل الرقمي قبل أن تتاح الفرصة للمنافسين.
انقسام في الرأي العام
تُظهر استطلاعات الرأي انقسامًا في الشارع الأميركي. وفقًا لمركز "بيو" للأبحاث لعام 2025:
-
58% من الأميركيين يعتقدون أن ميتا تملك قوة مفرطة.
-
35% يدعمون فكرة تفكيك الشركة.
-
48% يعتقدون أن التدخل الحكومي قد يحد من الابتكار.
ويحذر خبراء التكنولوجيا من أن أي تدخل تنظيمي يجب أن يكون دقيقًا ومدروسًا. فالحلول الخاطئة قد تُضعف الابتكار الأميركي وتعزز قوة منافسين عالميين مثل تينسنت وبايت دانس — الذين لا يخضعون لنفس القيود.
ماذا بعد؟
بعد جلسة اليوم، ستُصدر اللجنة القضائية تقريرًا بتوصياتها. وتشمل السيناريوهات المحتملة:
-
دعوى قضائية اتحادية لتفكيك الشركة.
-
تشريع جديد يقيد جمع البيانات ودمج التطبيقات.
-
فرض غرامات وتنفيذ إصلاحات هيكلية.
-
أو ببساطة: عدم اتخاذ أي إجراء وتأجيل المسألة لما بعد انتخابات 2026.
لكن المؤكد أن لحظة الحقيقة قد حانت بالنسبة لشركة ميتا.
فالقرارات التي ستُتخذ في واشنطن خلال الأسابيع المقبلة قد تحدد شكل الإنترنت ومستقبل التكنولوجيا لعقود قادمة.
الخلاصة: من يملك مستقبل القوة الرقمية؟
قضية ميتا لا تتعلق بشركة واحدة فقط، بل بسابقة قانونية ستحدد كيف تدير الحكومات الاحتكارات الرقمية، وتحمي حقوق المستهلك، وتوازن بين الحرية والابتكار في عصر تهيمن عليه الخوارزميات.
هل تمتلك الولايات المتحدة الإرادة لتحديث قوانين مكافحة الاحتكار لتواكب القرن الحادي والعشرين؟ أم ستواصل ميتا توسعها بلا رقيب، وتُعيد تشكيل حياتنا الرقمية كما تشاء؟
كل الأنظار الآن على واشنطن.
فقرة تعزيز تحسين محركات البحث (SEO)
لزيادة الوصول وتحسين ظهور هذه المدونة في محركات البحث، تم استخدام كلمات مفتاحية مستهدفة مثل: احتكار ميتا، جلسة استماع مارك زوكربيرغ، ميتا أمام الكونغرس، تنظيم شركات التكنولوجيا، دعوى واتساب وإنستغرام، FTC ضد ميتا، الخصوصية الرقمية، سوق الإعلانات الرقمية، قوانين البيانات 2025. ستساعد هذه الكلمات في تحسين تصنيف موقعك في نتائج البحث المتعلقة بالتكنولوجيا، السياسة، والشركات الرقمية. لا تنسَ تضمين علامات مثل أخبار تفكيك ميتا، جلسة استماع ميتا أبريل 2025، مكافحة احتكار التكنولوجيا، تحديثات ميتا الجديدة لضمان أفضل أداء لمحركات البحث على موقعك.
هل ترغب أن أعدّ نسخة مختصرة أو مرئية من هذا النص لفيديو أو إنفوجرافيك؟