
حصري – مصدران: هواوي تخطط لبيع شريحة ذكاء اصطناعي جديدة
في خطوة جريئة قد تعيد تشكيل صناعة الذكاء الاصطناعي (AI) العالمية، تُخطط شركة هواوي تكنولوجيز لإطلاق وبيع شريحة ذكاء اصطناعي متقدمة جديدة، وفقًا لمصدرين مطلعين بشكل مباشر على الأمر. وتُعد هذه الخطوة بمثابة عودة قوية لعملاق التكنولوجيا الصيني، المعروف بقدرته على الصمود في وجه التوترات الجيوسياسية والعقوبات الأمريكية.
يأتي هذا الكشف الحصري في وقت يشهد فيه الطلب العالمي على شرائح الذكاء الاصطناعي ارتفاعًا غير مسبوق، مدفوعًا بالتطورات في مجالات مثل تعلم الآلة، الذكاء الاصطناعي التوليدي، الروبوتات، والحوسبة السحابية. ومن المتوقع أن تكون شريحة هواوي الجديدة إنجازًا تقنيًا ورسالة سياسية في آنٍ واحد.
استراتيجية هواوي في شرائح الذكاء الاصطناعي: لعبة قوة صامتة
بدأت هواوي في بناء قدراتها بهدوء منذ سنوات. فبعد أن واجهت حظرًا تقنيًا من الحكومة الأمريكية، والذي قطع عنها الوصول إلى أحدث تقنيات صناعة الشرائح والبرمجيات، حولت الشركة تركيزها نحو الاعتماد الذاتي، عبر الاستثمار بقوة في ذراعها لتصميم الشرائح "هاي سيليكون"، وتعزيز قدرات المصانع المحلية.
وتشير التوقعات إلى أن الشريحة الجديدة ستحمل اسم Ascend Ultra AI، وتُعد استمرارًا لسلسلة شرائح Ascend 910 و Ascend 310 التي تم استخدامها في مراكز البيانات وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. ومن المنتظر أن تتفوق الشريحة الجديدة من حيث الأداء بشكل كبير، لتنافس شرائح مثل NVIDIA H100 وAMD MI300.
ووفقًا للمصادر التي طلبت عدم كشف هويتها نظرًا لحساسية الموضوع، تسعى هواوي لطرح الشريحة في الأسواق خلال الربع الثالث من عام 2025، على أن تستهدف في البداية شركات الحوسبة السحابية الناشئة في الصين، والتي تعاني من شح شرائح الذكاء الاصطناعي بسبب العقوبات الأمريكية.
لماذا الأمر مهم؟ الطلب على شرائح الذكاء الاصطناعي يرتفع عالميًا
مع النمو السريع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT، Gemini، Claude، وBaidu Ernie Bot، تتسابق الدول والشركات للحصول على القوة الحاسوبية اللازمة. حيث يتطلب تدريب النماذج الضخمة معالجات قوية وفعالة.
وبينما تهيمن NVIDIA حاليًا على سوق شرائح الذكاء الاصطناعي، فإن ارتفاع أسعار شرائحها ونقص المعروض منها دفع دولًا مثل الصين إلى تطوير بدائل محلية. وهنا، يُمكن أن تمثل شريحة هواوي الجديدة نقطة تحول في مساعي الاستقلال التقني للصين.
تُقدر قيمة سوق شرائح الذكاء الاصطناعي عالميًا بحوالي 263 مليار دولار بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب يتجاوز 30%. ولذلك، فإن دخول هواوي بقوة في هذا السوق لا يعد قرارًا تجاريًا فقط، بل هو تحرك استراتيجي ذو بعد دولي.
القدرات التقنية: ما نعرفه حتى الآن
رغم عدم إعلان هواوي رسميًا عن مواصفات الشريحة، إلا أن المعلومات المسربة تشير إلى أنها ستتميز بـ:
-
تقنية تصنيع بدقة 7 نانومتر، بالتعاون مع SMIC الصينية.
-
أداء عالٍ في وحدات معالجة التينسور (TPU)، لتسريع تعلم الآلة.
-
دعم لتدريب النماذج الكبيرة باستخدام التوازي متعدد العُقد (multi-node).
-
خصائص مدمجة لتسريع الذكاء الاصطناعي على الأطراف (Edge AI)، مناسبة للروبوتات وإنترنت الأشياء.
-
استهلاك منخفض للطاقة وتحكم حراري محسّن.
ورغم أن الشريحة قد لا تتفوق بالكامل على نظيراتها الغربية بعد، فإن قوة هواوي الحقيقية تكمن في تكامل بنيتها التحتية، حيث يمكن دمج الشريحة بسهولة مع أنظمة Huawei Cloud، نظام التشغيل HarmonyOS، وخدمات الاتصالات.
منظومة هواوي للذكاء الاصطناعي وانتشارها في السوق
لم تأتِ هذه الخطوة بمعزل عن جهود سابقة، فقد طورت هواوي على مدار ثلاث سنوات منظومة متكاملة للذكاء الاصطناعي تشمل:
-
منصة MindSpore مفتوحة المصدر والمخصصة للعمل بكفاءة مع شرائح Ascend.
-
خوادم سحابية تعتمد على معالجات Kunpeng وAscend.
-
شراكات استراتيجية مع هيئات حكومية ومراكز أبحاث في الصين، والشرق الأوسط، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية.
ومن المتوقع أن تُستخدم الشريحة الجديدة في مجالات مثل:
-
سحابة هواوي (Huawei Cloud)
-
أنظمة الأمن العام
-
مشروعات المدن الذكية
-
المركبات ذاتية القيادة
-
الأتمتة الصناعية
أبعاد جيوسياسية: الحرب التقنية تشتعل من جديد
إن إنتاج وبيع شريحة ذكاء اصطناعي متقدمة من قبل هواوي سيزيد من حدة التوترات الجيوسياسية، لا سيما في ظل استمرار الإدراج الأمريكي لهواوي في "قائمة الكيانات المحظورة" منذ عام 2019.
وقد أصبحت هواوي رمزًا للمقاومة التقنية الصينية، خصوصًا بعد إطلاقها العام الماضي لهاتف Mate 60 Pro المدعوم بشريحة 7 نانومتر محلية الصنع، ما فاجأ الأسواق وأثار مخاوف صناع القرار في الغرب.
الآن، مع استعداد هواوي لطرح شريحة ذكاء اصطناعي قوية، قد نشهد موجة جديدة من القيود الغربية على تصدير تقنيات تصنيع الشرائح وتدريب النماذج الكبيرة.
تأثيرات اقتصادية وفرص استثمارية
يراقب المستثمرون حول العالم هذا التطور عن كثب. ففي ظل استمرار نقص شرائح NVIDIA A100 وH100، قد تمثل شريحة هواوي خيارًا موثوقًا للشركات الناشئة في الصين، وهو ما قد يؤدي إلى:
-
ازدهار خدمات تدريب الذكاء الاصطناعي داخل الصين.
-
زيادة في عدد الشركات الناشئة التي تطور حلولًا متوافقة مع Ascend.
-
تحفيز تطوير برمجيات داعمة مثل برامج الترجمة، برامج التشغيل، وأدوات التحسين.
أما الشركات الغربية، فقد تضطر إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد الخاصة بها مع تزايد المخاطر السياسية والتجارية.
رسائل هواوي الحذرة: الابتكار بصمت
من اللافت أن هواوي لم تُؤكد رسميًا الشريحة الجديدة، وهو ما يتماشى مع نهجها الجديد في الابتكار بهدوء، دون إثارة صخب إعلامي. وهذا يتيح لها تفادي العقوبات المبكرة والتحرك بمرونة أكبر في الأسواق الدولية.
وإذا تم إطلاق الشريحة في الموعد المتوقع (الربع الثالث من 2025)، فقد نشهد انقسامًا واضحًا في عالم شرائح الذكاء الاصطناعي: منظومة غربية تعتمد على NVIDIA وAMD وIntel، مقابل منظومة شرقية تقودها هواوي.
خاتمة: عالم الذكاء الاصطناعي على وشك أن يتغير
إذا تمكنت هواوي من إطلاق هذه الشريحة بنجاح، فإنها لن تغيّر قواعد السوق فحسب، بل ستُعلن عن مرحلة جديدة في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
ومع تزايد القيود والضغوط الدولية، ستكون هذه الشريحة رمزًا لـ إرادة الصين في تحقيق الاكتفاء التقني والتخلص من الاعتماد على الموردين الغربيين.
سواء حققت الشريحة النجاح المتوقع أم لا، فإن مجرد المحاولة تُعد إنذارًا ببداية حقبة جديدة من المنافسة الحاسوبية العالمية، سيتغير فيها كل شيء من المعايير إلى التحالفات.
فقرة تحسين محركات البحث SEO
هل ترغب في ترجمة المدونة أيضًا إلى الهندية أو الصينية الماندرين للوصول إلى جمهور أوسع؟