
بريطانيا تسجل أعلى معدل فقر منذ 30 عامًا – أمة عند مفترق طرق
أزمة صامتة أصبحت تصرخ بصوت عالٍ
في كشف صادم هز صناع القرار والاقتصاديين والمواطنين العاديين، سجلت المملكة المتحدة أعلى معدل فقر لها منذ أكثر من ثلاثة عقود. ووفقًا لمكتب الإحصاءات الوطنية (ONS)، يعيش أكثر من 15.2 مليون شخص في بريطانيا – أي ما يزيد عن 22% من السكان – تحت خط الفقر رسميًا. هذا الرقم الصادم يمثل أسوأ نسبة منذ منتصف التسعينيات ويعكس الهوة المتزايدة بين السياسات الاقتصادية والواقع المعيشي.
بالنسبة لكثير من البريطانيين، هذه ليست مجرد إحصائية، بل معاناة يومية لتوفير الطعام، وتدفئة منازلهم، ودفع تكاليف التنقل الأساسية. إنها خيارات قاسية بين الدواء والإيجار. إنها رؤية الأطفال يذهبون إلى المدرسة وهم جائعون. هذه ليست مشكلة العالم النامي، بل أزمة إنسانية تتكشف في واحدة من أغنى دول العالم.
ما الذي يدفع هذا الارتفاع الحاد في الفقر في بريطانيا؟
1. أزمة تكاليف المعيشة
تعاني بريطانيا من أزمة حادة في تكاليف المعيشة، حيث ارتفعت أسعار الضروريات مثل الطاقة والمواد الغذائية والإيجارات بشكل صادم، في حين بقيت الأجور راكدة. وبحسب مؤسسة جوزيف راونتري، تنفق الأسر ذات الدخل المنخفض الآن ما يقرب من 60% من دخلها على الأساسيات، مما يتركهم دون أي مجال للادخار أو الطوارئ.
2. تخفيضات في الرعاية الاجتماعية
على مدى السنوات الماضية، أدت السياسات التقشفية إلى تآكل شبكة الأمان الاجتماعي في بريطانيا. تم انتقاد نظام الائتمان الشامل Universal Credit بسبب التأخيرات والاقتطاعات. وفي أبريل 2025، أُعلنت قيود جديدة على دعم السكن وإعانات الأطفال، مما زاد الطين بلة.
3. أزمة السكن وعدم الاستقرار
تواجه بريطانيا أزمة حقيقية في القدرة على تحمل تكاليف السكن، حيث ترتفع الإيجارات بوتيرة أسرع من التضخم في جميع المدن الكبرى. ونظرًا لنقص المساكن الاجتماعية، أُجبرت العديد من العائلات على العيش في مساكن مكتظة أو غير صالحة للسكن أو حتى التشرد. ففي لندن وحدها، ارتفعت نسبة التشرد بنسبة 28% مقارنة بالعام الماضي.
4. انعدام الأمان الوظيفي وانتشار العمل الجزئي
رغم انخفاض معدل البطالة الرسمي، إلا أنه يخفي مشكلة أعمق وهي العمل غير المستقر وانتشار اقتصاد العمل المؤقت (Gig Economy). آلاف العمال يعملون بعقود مرنة أو عبر منصات حرة دون ضمان وظيفي أو تأمين صحي، مما يجعل من المستحيل الهروب من دائرة الفقر.
قصص حقيقية خلف الأرقام
معاناة إيما – أم عزباء من مانشستر
إيما، أم تبلغ من العمر 34 عامًا لطفلين، تعمل بدوام جزئي في سوبرماركت وتدرس ليلًا لتحسين وضعها. على الرغم من عملها 28 ساعة أسبوعيًا وتلقيها لإعانة الائتمان الشامل، إلا أنها تعاني من عجز شهري قدره 200 جنيه إسترليني بعد دفع الفواتير ورعاية الأطفال. تقول: "أتخطى الوجبات حتى لا يضطر أطفالي لذلك. لم أتصور يومًا أنني سأضطر إلى زيارة بنك طعام."
جون المهندس السابق – ضحية الأتمتة
جون، مهندس طيران سابق من برمنغهام ويبلغ من العمر 56 عامًا، فقد وظيفته نتيجة التحول نحو الأتمتة والذكاء الاصطناعي. بدون مهارات تقنية حديثة وبصحة متدهورة، أصبح عاطلًا عن العمل منذ ثلاث سنوات. يقول: "كرّست حياتي لبناء هذه الصناعة، والآن أشعر وكأنني منبوذ."
فقر الأطفال: جيل في خطر
من أكثر الجوانب المؤلمة في هذه الأزمة هو الارتفاع غير المسبوق في فقر الأطفال. تُظهر التقارير أن طفلاً من كل ثلاثة أطفال في المملكة المتحدة يعيش تحت خط الفقر. وفي مناطق مثل تاور هامليتس وليفربول، تتجاوز النسبة 50%.
تضطر المدارس إلى توفير وجبات أساسية ولوازم صحية وملابس. ويبلغ المعلمون عن طلاب يأتون إلى الفصل جائعين ومرهقين وغير قادرين على التركيز. ويحذر أطباء الأطفال من تأثيرات طويلة الأمد على النمو العقلي والبدني لهؤلاء الأطفال.
استجابة الحكومة: وعود أم ترقيع مؤقت؟
رغم أن الحكومة البريطانية اعترفت بالأزمة، إلا أن الاستجابات السياسية ما زالت جزئية ومتأخرة. وقد تم وصف آخر حزمة مساعدات حكومية، التي تركزت على دعم الطاقة والتحكم المؤقت في الإيجارات، بأنها "لاصق على جرح غائر".
تطالب أحزاب المعارضة والمنظمات الخيرية بـ:
-
زيادة الحد الأدنى للأجور
-
إعادة دعم السكن ومخصصات الإعاقة
-
توسيع برامج الوجبات المدرسية المجانية
-
برامج تدريب وظيفي لمن فقدوا وظائفهم بسبب التكنولوجيا
دور الجمعيات والمنظمات الأهلية
أصبحت المؤسسات الخيرية وبنوك الطعام والجماعات الدينية هي شبكة الأمان الوحيدة لكثير من الناس. وزّعت مؤسسة "تراسل ترست" وحدها أكثر من 4 ملايين طرد غذائي خلال العام الماضي – بزيادة 31% عن العام السابق.
تعمل حركات شعبية مثل "قلوب دافئة المملكة المتحدة" و**"لا طفل جائع"** على جمع التبرعات ونشر التوعية. ومع ذلك، يؤكد المتطوعون أن المجتمع المدني لا يمكنه أن يحل محل مسؤولية الدولة.
الصحة النفسية ودائرة الفقر
هناك علاقة وثيقة بين الفقر وتدهور الصحة النفسية. وجد مسح حديث تابع لـ NHS أن الأشخاص ذوي الدخل المنخفض أكثر عرضة بثلاثة أضعاف للإصابة بالاكتئاب والقلق. الفقر يخلق دائرة مفرغة: التوتر يُضعف الأداء، مما يؤدي إلى المزيد من الفقر.
حتى خدمات الصحة النفسية نفسها تعاني، إذ تصل فترات الانتظار للعلاج إلى 12 شهرًا في بعض المناطق. وبدون دعم سريع، يسقط الكثيرون في دوامة الانعزال واليأس.
مقارنة دولية: كيف تراجعت بريطانيا؟
كانت بريطانيا يومًا ما نموذجًا في الرفاه الاجتماعي، لكنها اليوم ضمن أدنى الدول الغربية في الإنفاق على رفاهية الطفل. بلدان مثل النرويج وألمانيا وهولندا، التي حافظت على أنظمة دعم قوية، تسجل معدلات فقر تقارب نصف ما تسجله بريطانيا.
ويحذر خبراء الاقتصاد من دخول بريطانيا في "قفل الفقر" حيث يصبح من المستحيل الصعود الطبقي لملايين الأفراد.
دعوة للعمل – واجب أخلاقي واقتصادي
الفقر ليس مأساة فردية فقط، بل كارثة وطنية. يؤكد الاقتصاديون أن الفقر على نطاق واسع يضعف الإنتاجية، ويزيد أعباء الرعاية الصحية، ويقيد النمو المستقبلي. بينما يرى القادة الأخلاقيون أن السماح بهذا التفاوت الصارخ في بلد غني أمر لا يمكن الدفاع عنه أخلاقيًا.
تقف بريطانيا أمام مفترق طرق: هل ستواصل الانحدار نحو اليأس البنيوي، أم ستنهض لمواجهة هذا التحدي؟
الخاتمة: الطريق إلى الأمام
لعكس هذا المسار، تحتاج بريطانيا إلى إصلاحات جذرية وليس مجرد مساعدات مؤقتة. يجب أن نبني اقتصادًا يضمن الكرامة مقابل العمل، ويمنح الأطفال فرصة للحياة دون تمييز، ويمنع الناس من الاختيار بين الطعام والتدفئة.
الاستثمار في الإسكان والتعليم والأجور العادلة والصحة النفسية ليس تكلفة، بل هو الأساس لمستقبل شامل ومستدام.
كما قالت إيما وهي تمسح دموعها: "نحن لا نريد الرفاهية. نحن فقط نريد أن نعيش بكرامة."
فقرة لتحسين محركات البحث (SEO):
تهدف هذه المدونة حول ارتفاع معدل الفقر في بريطانيا عام 2025 إلى تعزيز ظهورها في نتائج البحث باستخدام كلمات مفتاحية عالية التصنيف مثل: "أزمة الفقر في المملكة المتحدة"، "تكاليف المعيشة في بريطانيا"، "إحصائيات فقر الأطفال في بريطانيا"، "مشاكل الائتمان الشامل"، "بنوك الطعام في بريطانيا"، "أزمة السكن في لندن"، "الصحة النفسية والفقر"، و"حلول الفقر في بريطانيا". من خلال تسليط الضوء على القصص الحقيقية والتحليلات والحلول المقترحة، فإن هذا المحتوى مؤهل للظهور في أعلى نتائج Google المتعلقة بالأخبار الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية في المملكة المتحدة، مما يعزز زيارات الموقع ونشر الوعي.
هل ترغب في ترجمة هذه المقالة أيضًا إلى الهندية أو الصينية أو الإسبانية لتوسيع نطاق الجمهور؟