
شبكة تسول منظمة في بيروت!
مقدمة: العالم الخفي وراء شوارع بيروت
بيروت، المدينة التي تزخر بالتاريخ العريق، والثقافة النابضة، والإطلالات الخلابة على البحر الأبيض المتوسط، تخفي في زواياها حقيقة مظلمة ومقلقة: وجود شبكات تسول منظمة. فعلى الرغم من مرور السياح والمقيمين عبر شارع الحمرا، أو كورنيش بيروت، أو مناطق برج حمود والوسط التجاري، إلا أن القليل منهم يدرك أن العديد من المتسولين الذين يبدون في حالة بؤس، هم في الواقع جزء من عمليات منسقة ومنظمة تسعى للربح.
تتناول هذه المدونة صعود شبكات التسول المنظمة في بيروت، وآلية عملها، والأثر المدمر الذي تتركه على الأفراد والمجتمع، ومن يقف خلفها، ودور السلطات والمجتمع في مواجهتها أو التواطؤ معها.
وجه التسول في بيروت: الصورة ليست كما تبدو
منظر طفل بثياب ممزقة وعيون مليئة بالأمل يمكن أن يثير عاطفة أي شخص، ولكن ماذا لو كان هذا الطفل جزءًا من عصابة تُجبره على التسول كل يوم؟
العديد من المتسولين في بيروت لا يعملون بشكل فردي، بل يخضعون لسيطرة شبكات إجرامية منظمة تعمل بدقة عسكرية. وتُظهر التقارير أن هؤلاء يُجندون - أحيانًا عبر الاتجار بالبشر - ويتم توزيعهم على مناطق محددة في المدينة لجمع أكبر قدر ممكن من الأموال يوميًا.
تشير منظمات المجتمع المدني إلى أن المتسول الواحد يمكن أن يجني ما بين 50 إلى 200 دولار يوميًا، تذهب معظمها إلى رؤساء هذه الشبكات.
كيف تعمل شبكات التسول؟
1. التجنيد والاستغلال
يتم استقدام الأفراد، خصوصًا من سوريا، العراق، أو المناطق الريفية في لبنان، بوعدهم بفرص عمل أو مسكن، ليجدوا أنفسهم أسرى لعصابات التسول. يُجبرون على العمل تحت التهديد والعنف، وخاصة الأطفال الذين يتم استغلالهم لأنهم أكثر جذبًا للعاطفة وأقل قدرة على المقاومة.
2. التوزيع الاستراتيجي
تُحدد أماكن التسول بعناية بناءً على كثافة الحركة والقدرة المالية للمارة، ومن أبرز المناطق:
-
وسط بيروت: حيث المتسوقين من الطبقات الراقية.
-
الحمرا، فردان، والأشرفية: تجمعات راقية وسياحية.
-
أماكن العبادة: مثل المساجد والكنائس، خصوصًا خلال أوقات الصلاة.
كل موقع يخضع لسيطرة "مشرف"، وقد يُطلب من المتسولين دفع "إيجار" أو تسليم مبلغ محدد يوميًا.
3. الرقابة والتحكم
توظف هذه الشبكات ما يُعرف بـ"المنفذين"، الذين يراقبون المتسولين ويضمنون عدم الخروج عن التعليمات. يُعاقب أي تمرد بشدة، وقد يصل الأمر إلى تشويه المتسولين جسديًا لجذب الشفقة.
استغلال الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة
من أكثر الأساليب فظاعة في هذه الشبكات هو استخدام الأطفال والأشخاص من ذوي الإعاقة. يُخدر الأطفال في كثير من الأحيان ليظهروا بمظهر ضعيف ومرهق. ويُقال إن بعض المتسولين قد تُعرضوا للتشويه المتعمد لزيادة الشفقة وتحقيق مكاسب مالية.
هذا النوع من التسول منتشر في مناطق مثل الحمرا، الجميزة، ومار مخايل، حيث يتوقع المتسولون سخاءً من المارة.
الجانب الاقتصادي للتسول
ما يبدو فقرًا عشوائيًا، هو في الحقيقة قطاع غير رسمي يدر الملايين. فشبكات التسول تعمل كمنظمات إجرامية حقيقية، بهيكل تنظيمي، توزيع المهام، تحصيل الحصص اليومية، وأحيانًا غسيل الأموال.
تشير تقديرات إلى أن هذه الشبكات في بيروت وحدها تجني ملايين الدولارات سنويًا، يُعاد استثمارها غالبًا في أنشطة إجرامية مثل الاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة.
الفساد والتقاعس: نظام يخون الضعفاء
رغم معرفة السلطات بهذه الشبكات، إلا أن قلة الإجراءات وفساد بعض المسؤولين يمنح تلك العصابات حصانة غير معلنة. فبعض رجال الأمن إما متواطئون، أو يتذرعون بعدم وجود قانون واضح يُدين مثل هذه الأنشطة.
قامت منظمات مثل كاريتاس لبنان، وإنسان، وحماية، برفع صوتها، لكنها غالبًا ما تواجه عوائق قانونية أو نقصًا في التمويل، في حين أن الحملات الأمنية غالبًا ما تطال الأفراد الضعفاء دون الوصول إلى قادة الشبكات.
دور المجتمع: بين التعاطف والمساهمة في المشكلة
أحد أكبر التحديات هو دور المواطنين في تمويل هذه الشبكات دون وعي. فالعاطفة نحو الأطفال والفقراء تدفع الكثيرين لمنحهم المال، دون التفكير في العواقب.
كل ليرة تُمنح للمتسول قد تذهب إلى جيب مجرم يستغل الأطفال والضعفاء. لذلك، يدعو الخبراء إلى التبرع للمنظمات الرسمية بدلًا من دعم المتسولين في الشوارع.
شهادات حية: ضحايا تجارة الظلام
روى العديد من الضحايا قصصهم عبر منظمات المجتمع المدني. طفل سوري يبلغ من العمر 12 عامًا، يُدعى "أمير" (اسم مستعار)، قال إنه نُقل إلى بيروت تحت وعود زائفة، وأُجبر على التسول من الفجر حتى منتصف الليل. وكان يتعرض للضرب إذا لم يُحقق "الحصة اليومية".
امرأة تُدعى "ليلى" وعدت بوظيفة كعاملة نظافة، لكنها وجدت نفسها مُجبرة على التسول، بينما حُجز طفلاها كرهينة.
هذه الشهادات توضح حجم الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تحدث يوميًا.
الحلول الممكنة: هل هناك أمل؟
-
تشديد القوانين: يجب على الدولة اللبنانية سن قوانين صارمة ضد الاتجار بالبشر والتسول القسري.
-
توعية عامة: نشر حملات إعلامية لتوعية المواطنين بأضرار منح المال للمتسولين، وتشجيعهم على الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة.
-
دعم منظمات المجتمع المدني: توفير تمويل مستدام للمنظمات التي تُعنى بالأطفال والضحايا، وتقديم حلول طويلة الأمد.
-
دور الإعلام: تسليط الضوء على هذه الجرائم في الإعلام المحلي والدولي للضغط على السلطات للتحرك.
-
تعاون إقليمي: بما أن بعض الضحايا يُهربون عبر الحدود، فإن التعاون بين لبنان ودول الجوار أمر ضروري.
خلفيات المشكلة: التسول كعرض لفشل أعمق
التسول المنظم في بيروت ليس فقط مشكلة جنائية، بل هو عرض لفشل اقتصادي واجتماعي وسياسي أعمق. من أزمة اللاجئين السوريين، إلى انهيار الاقتصاد اللبناني، وصولًا إلى فراغ السلطة، كلها عوامل تُغذي بيئة مثالية للاستغلال.
ما لم تُعالج هذه الجذور من خلال إصلاحات اقتصادية وتشريعية وإنسانية، فإن شوارع بيروت ستبقى ساحة مفتوحة لاستغلال الأبرياء.
الخاتمة: اختر الوعي بدلًا من التعاطف
في المرة القادمة التي ترى فيها طفلًا يتسول في شوارع بيروت، تذكر: خلف هذه الملامح البريئة قد يقف نظام إجرامي يستغل براءته. التعاطف الحقيقي هو برفض تمويل هذه الشبكات، ودعم الجهود التي تُكافحها.
من خلال الوعي، والتشريعات، والمسؤولية المجتمعية، يمكن أن تتحول شوارع بيروت من بؤر للاستغلال إلى ساحات للفرص والحياة الكريمة.
فقرة تحسين محركات البحث (SEO)
لتحسين ظهور هذه المدونة في محركات البحث وزيادة الزيارات، تم استخدام كلمات مفتاحية ذات ترتيب عالٍ في عمليات البحث مثل: التسول المنظم في بيروت، شبكات الجريمة في لبنان، استغلال الأطفال في الشوارع، الاتجار بالبشر في لبنان، مكافحة التسول، عصابات التسول في بيروت، حقوق الطفل في لبنان، منظمات إنسانية لبنانية، الفقر في لبنان، حملات توعية في بيروت، الدعم الاجتماعي في لبنان، العنف ضد الأطفال في بيروت، اللاجئون السوريون والتسول، الأمن المجتمعي في لبنان، وكيفية مكافحة التسول في الشرق الأوسط. هذه الكلمات المفتاحية تضمن تحسين ظهور الموقع في نتائج البحث، وزيادة التفاعل مع المحتوى.
هل ترغب في ترجمة هذه المدونة أيضًا إلى اللغة الهندية أو الصينية؟